الثلاثاء، 14 سبتمبر 2010

قصص النبوة - رسول الله والطائف

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


بعد وفاة عمه وزوجته خديجة ضايق المشركون النبي صلى الله عليه وسلم وآذوه كثيراً مما اضطره للخروج من مكة باحثاً عن أرض جديدة للدعوة فيها.

خرج من مكة إلى الطائف ماشياً على قدميه ومعه زيد بن حارثة، وكلما مر بقبيلة دعاها إلى الإسلام ولكن لم يستجبب له أحد.

وصل إلى الطائف، وجلس مع عبد ياليل ومسعود وحبيب أبناء عمرو بن عمير الثقفي، دعاهم إلى الله، وإلى نصرة الإسلام، فقال أحدهم‏:‏ إن كان الله أرسلك‏.‏

وقال الآخر‏:‏ أما وَجَدَ الله أحدًا غيرك.

وقال الثالث‏: ‏والله لا أكلمك أبدًا، إن كنت رسولًا لأنت أعظم خطرًا من أن أرد عليك الكلام، ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي أن أكلمك‏.‏

فقام عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهم‏:‏ ‏" ‏إذ فعلتم ما فعلتم فاكتموا عني‏ ".‏

أقام النبي صلى الله عليه وسلم في الطائف عشرة أيام، لا يدع أحدًا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه، فلم يستجيب له أحد، بل طردوه وخرج السفهاء والعبيد وراءه وهم يسبونه ويشتمونه، وبدأوا يرمونه بالحجارة، فكان زيد بن حارثة يقيه بنفسه حتى أصيب في رأسه، وأدميت قدما النبي صلى الله عليه وسلم.

بقي هؤلاء السفهاء يلحقون بالنبي صلى الله عليه وسلم ويسبونه حتى وصل إلى بستان لعتبة وشيبة ابنا ربيعة.

دخل النبي صلى الله عليه وسلم البستان وجلس في الظل، ثم رفع يديه إلى الله قائلاً: ‏اللهم إليك أشكو ضَعْف قُوَّتي، وقلة حيلتي، وهوإني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تَكِلُني؟‏ إلى بعيد يَتَجَهَّمُنِي‏؟‏ أم إلى عدو ملكته أمري‏؟‏ إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو يحل علي سَخَطُك، لك العُتْبَى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك‏‏‏.‏

فلما رآه ابنا ربيعة تحركت له رحمهما، فدعوا غلامًا لهما نصرانيًا يقال له‏:‏ عَدَّاس، وقالا له‏: ‏خذ قطفًا من هذا العنب، واذهب به إلى هذا الرجل‏.‏

فلما وضع عداس قطف العنب بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم مد يده إليه قائلًا‏:‏ ‏‏باسم الله ثم أكل‏.‏

فقال عداس‏:‏ إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏من أي البلاد أنت‏؟‏ وما دينك‏؟‏

قال‏:‏ أنا نصراني من أهل نِينَوَى‏.‏

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ من قرية الرجل الصالح يونس بن مَتَّى‏.‏

قال له‏:‏ وما يدريك ما يونس ابن متى‏؟‏

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏ذاك أخي، كان نبيًا وأنا نبي‏.

فأكب عداس على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ويديه ورجليه يقبلها‏.‏

فقال ابنا ربيعة ‏:‏ لقد أفسده علينا‏.‏ فلما جاء عداس قالا له‏:‏ ويحك ما هذا‏؟‏

قال‏:‏ يا سيدى، ما في الأرض خير من هذا الرجل، لقد أخبرني بأمر لا يعلمه إلا نبي.

قالا له‏:‏ ويحك يا عداس، لا يصرفنك عن دينك، فإن دينك خير من دينه‏.‏

عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم كئيبًا محزونًا كسير القلب، فلما بلغ قرن المنازل بعث الله إليه جبريل ومعه ملك الجبال، يستأمره أن يطبق الأخشبين على أهل مكة‏.‏

قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ بل أرجو أن يُخرج الله عز وجل من أصلابهم من يعبد الله عز وجل وحده لا يشرك به شيئا‏.‏

ثم نزل في وادي نخلة، وأقام فيه أياماً، وهناك استمع إليه نفر من الجن ولنترك القرآن الكريم يحدثنا بذلك: " ‏‏وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ الله ِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ‏ "‏ ‏[‏الأحقاف‏:‏29‏:‏ 31‏]‏‏.‏

وكانت هذه الآيات كافية لزوال الحزن عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعاد إلى مكة وكله إصرار على دعوة الناس إلى الإسلام.

قال له زيد بن حارثة‏:‏ كيف تدخل على أهل مكة وقد أخرجوك‏؟‏

فقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏يا زيد، إن الله جاعل لما ترى فرجًا ومخرجًا، وإن الله ناصر دينه، ومظهر نبيه‏‏‏.‏

أرسل إلى المطعم بن عدي ليجيره، فقال المطعم‏:‏ نعم، ثم تسلح ودعا بنيه وقومه، فقال‏:‏ البسوا السلاح، وكونوا عند أركان البيت، فإني قد أجرت محمدًا، ثم بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أن ادخل، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه زيد بن حارثة حتى انتهى إلى المسجد الحرام، فقام المطعم بن عدي على راحلته فنادى‏:‏ يا معشر قريش، إني قد أجرت محمدًا فلا يهجه أحد منكم، وانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الركن فاستلمه، وطاف بالبيت، وصلى ركعتين، وانصرف إلى بيته، ومطعم بن عدى وولده محدقون به بالسلاح حتى دخل بيته‏.‏

وقد حفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم للمطعم هذا الصنيع، فقال في أسارى بدر‏:‏ ‏‏لو كان المطعم بن عدى حيًا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له‏‏‏.‏ 


المصدر :  http://www.alswalf.com/vb/showthread.php?t=29533




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق